الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
ينتقل الرسول يوم القيامة بين أماكن ثلاثة؛ الصراط المضروب فوق جهنم، والميزان الذي توزن فيه الأعمال، والحوض العظيم الذي يشرب منه المؤمنون برسول الله
الرسول بين الصراط والميزان والحوض:
ينتقل الرسول يوم القيامة بين أماكن ثلاثة؛ الصراط المضروب فوق جهنم، والميزان الذي تُوزن فيه الأعمال، والحوض العظيم الذي يشرب منه المؤمنون برسول الله.
قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَقَالَ: «أَنَا فَاعِلٌ». قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ؟ قَالَ: «اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ». قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ؟ قَالَ: «فَاطْلُبْنِي عِنْدَ المِيزَانِ». قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ المِيزَانِ؟ قَالَ: «فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الحَوْضِ فَإِنِّي لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ المَوَاطِنَ»[1].
الرسول ﷺ أول من يجوز الصراط من الرسل بأمته:
هذه فضيلةٌ كبرى يرحم بها الله مَنْ اتَّبع محمدًا ﷺ! إنَّه -ﷺ- يكون أوَّل من يعبر الصراط المضروب فوق جهنم ليصل إلى الناحية الأخرى المفضية إلى الجنة. لا يفعل ذلك بمفرده؛ إنَّما يعبر بأمَّته، وهذا من الفضل العظيم لهذه الأمَّة المسلمة.
عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُمَارُونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الْقَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمْ اللهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمْ اللهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَدْعُوهُمْ، فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنْ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا الرُّسُلُ، وَكَلَامُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ..»[2].
الشفيع في دخول الجنة، وأول من يدخلها:
هذه هي اللحظة التي ينتظرها المؤمنون يوم القيامة، والتي كانوا يحلمون بها في الدنيا! إنَّها لحظة دخول الجنة! يبدأ هذا الدخول بقرع النبيِّ ﷺ لباب الجنة!
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَنَا أَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الجَنَّةِ»[3].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -أيضًا- أنَّه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «آتِى بَابَ الجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ مَنْ أَنْتَ فَأَقُولُ مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ بِكَ أُمِرْتُ لاَ أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ»[4].
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «... فَآخُذُ بِحَلْقَةِ بَابِ الجَنَّةِ فَأُقَعْقِعُهَا[5] فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيُقَالُ: مُحَمَّدٌ فَيَفْتَحُونَ لِي، وَيُرَحِّبُونَ بِي، فَيَقُولُونَ: مَرْحَبًا» [6].
الشفاعة للجهنَّميين:
دخل قومٌ الجنة، ودخل آخرون النار، وممَّن سيدخلون النار قومٌ من أمَّة رسول الله ﷺ، غلبت سيِّئاتُهم حسناتِهم، فأُدْخِلُوا النار عقابًا على ذنوبهم الكثيرة، وهؤلاء لم يَنْسَهم رسولُ الله ﷺ!
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «لَيَخْرُجَنَّ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَتِي، يُسَمَّوْنَ جَهَنَّمِيُّونَ»[7].
وهناك تفصيلٌ جميلٌ في روايةٍ أخرى صحيحة يُبْرِز المكانة السامقة الفريدة لرسول الله ﷺ؛ فعن أنس بنِ مالكٍ قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنِّي لأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَأُعْطَى لِوَاءَ الحَمْدِ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَإِنِّي آتِي بَابَ الجَنَّةِ فَآخُذُ بِحَلْقَتِهَا فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: أَنَا مُحَمَّدٌ، فَيَفْتَحُونَ لِي، فَأَدْخُلُ، فَإِذَا الجَبَّارُ U مُسْتَقْبِلِي فَأَسْجُدُ لَهُ، فَيَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَتَكَلَّمْ يُسْمَعْ مِنْكَ، وَقُلْ يُقْبَلْ مِنْكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ، فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ مِنَ الإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، فَأُقْبِلُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ فَأُدْخِلُهُ الجَنَّةَ، فَإِذَا الجَبَّارُ U مُسْتَقْبِلِي، فَأَسْجُدُ لَهُ فَيَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَتَكَلَّمْ يُسْمَعْ مِنْكَ، وَقُلْ يُقْبَلْ مِنْكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ نِصْفَ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ مِنَ الإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُمُ الجَنَّةَ، فَأَذْهَبُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَلِكَ أُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، فَإِذَا الجَبَّارُ U مُسْتَقْبِلِي، فَأَسْجُدُ لَهُ فَيَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَتَكَلَّمْ يُسْمَعْ مِنْكَ، وَقُلْ يُقْبَلْ مِنْكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنَ الإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، فَأَذْهَبُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَلِكَ أَدْخَلْتُهُمُ الجَنَّةَ، وَفَرَغَ اللهُ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ، وَأَدْخَلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أُمَّتِي النَّارَ مَعَ أَهْلِ النَّارِ، فَيَقُولُ أَهْلُ النَّارِ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْبَدُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ تُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا، فَيَقُولُ الجَبَّارُ U: فَبِعِزَّتِي لأُعْتِقَنَّهُمْ مِنَ النَّارِ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ فَيَخْرُجُونَ، وَقَدِ امْتَحَشُوا[8]، فَيَدْخُلُونَ فِي نَهَرِ الحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي غُثَاءِ السَّيْلِ، وَيُكْتَبُ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ: هَؤُلاَءِ عُتَقَاءُ اللهِ U، فَيُذْهَبُ بِهِمْ فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُ الجَنَّةِ: هَؤُلاَءِ الجَهَنَّمِيُّونَ، فَيَقُولُ الجَبَّارُ: بَلْ هَؤُلاَءِ عُتَقَاءُ الجَبَّارِ [9].
ينبغي التدبُّر في أنَّ هذا الحرص الشديد من رسول الله ﷺ على إخراج المسلمين من النار كان مع أناس فعلوا الموبقات كلِّها، ولم يكن في صدورهم سوى مثقال حبَّةٍ من خردلٍ من الإيمان! هذا في الواقع يُطْلِعُنا على معنى الرحمة في قلب الرسول ﷺ وقدرها، ويُبْرِز سبب تسميته بنبي الرحمة، وقوله ﷺ -عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «.. وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً»[10]. وقول الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
أكثر الأنبياء تبعًا يوم القيامة ويدخل من أمته الجنة سبعون ألفًا بغير حساب:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ[11]، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[12].
عن ابْنِ عَبَّاسٍ ب، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمْ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ: مَا هَذَا أُمَّتِي هَذِهِ؟ قِيلَ: بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ. قِيلَ: انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ. فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلَأُ الْأُفُقَ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلَأَ الْأُفُقَ، قِيلَ: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَيَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ». ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ[13]، فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا: نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ فَنَحْنُ هُمْ، أَوْ أَوْلَادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَخَرَجَ فَقَالَ: «هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ[14]، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ[15]، وَلَا يَكْتَوُونَ[16]، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». فَقَالَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ قَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ»[17].
وعن أبي هُرَيْرَةَ أنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ». وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً[18] عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ»، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ»[19].
قال العز بن عبد السلام: «يدخل إلى الجنَّة من أمَّته سبعون ألفًا بغير حساب، ولم يثبت ذلك لغيره من الأنبياء»[20].[21].
[1] الترمذي: كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب ما جاء في شأن الصراط (2433)، وقال: حديث حسن. وأحمد (12848)، وقال شعيب الأرناءوط: رجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (2630).
[2] البخاري: كتاب صفة الصلاة، باب فضل السجود، (773)، واللفظ له، ومسلم: كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، (182).
[3] مسلم: كتاب الإيمان، باب في قول النبي ﷺ أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعًا، (196).
[4] مسلم: كتاب الإيمان، باب في قول النبي ﷺ أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعًا، (197).
[5] فَأُقَعْقِعُهَا أي: أحركها لتصوت، والقعقعة، حكاية حركة لشيء يسمع له صوت.
[6] الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة بني إسرائيل (3148)، وقال: حديث حسن صحيح.
[7] البخاري: كتاب التوحيد، باب ما جاء في قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: 56] (7012)، والترمذي (2600) واللفظ له، وأحمد (12280).
[8] امْتَحَشُوا؛ أي: احترقوا، والمحش: لهيب من النار يحرقُ الجلد ويُبدي العظم.
[9] أحمد (12491)، والدارمي (52)، وقال الألباني: صحيح. انظر: السلسلة الصحيحة (1571)، وللحديث روايات بألفاظ أخرى انظر: البخاري: كتاب التفسير، سورة البقرة، (4206)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، (193).
[10] مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن لعن الدواب وغيرها، (2599).
[11] ما مثله آمن عليه البشر؛ أي: ما يناسِبُه في ذلك الزمان، وينقادُ له أهلهُ، كقلب العصا ثعبانًا في زَمَنِ موسى، وإخراج اليد البيضاء؛ لأنَّ الغلبةَ في زمنهِ السحرُ، فأتاهم بما هو فوقَ السحر، وفي زمن عيسى الطِّبُّ، فأتاهم بما هو أعلى من الطب، كإحياء الموتى، وإبراء الأَكْمَه. مظهر الدين الزَّيْداني: المفاتيح في شرح المصابيح 6/ 89.
[12] البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزول الوحي وأول ما نزل، (4696)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبيِّنا محمد ﷺ إلى جميع الناس ونسخ الملل بملة، (152).
[13] أي لم يُبَيِّن لهم مَنْ هم الذين يدخلون الجنة بغير حساب.
[14] رقَى المريضَ: عوَّذه وقرأ له ليَشْفَى من ضررٍ ألمَّ به. ولا يسترقون: لا يطلبون الرُّقية؛ وقال النووي: الْمَدْحُ فِي تَرْكِ الرُّقَى الْمُرَادُ بِهَا الرُّقَى الَّتِي هِيَ مِنْ كَلَامِ الْكُفَّارِ وَالرُّقَى المَجْهُولَةِ، وَالَّتِى بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَمَا لا يُعْرَفُ مَعْنَاهَا؛ فَهَذِهِ مَذْمُومَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَعْنَاهَا كُفْرٌ، أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ، أَوْ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا الرُّقَى بِآيَاتِ الْقُرْآنِ وَبِالأَذْكَارِ المَعْرُوفَةِ فَلا نَهْىَ فِيهِ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ. النووي: المنهاج 14/168.
[15] لا يَتَطَيَّرُونَ: لا يتشاءمون.
[16] يكتوون: أي يستخدمون الكي في الشفاء من الأمراض. وفي أحاديث أخرى كره الرسول ﷺ الكي؛ وقد كوى رسول الله ﷺ سعد بن معاذ وغيره، فدلَّ على أن المراد بالنهي ليس المنع، وإنما المراد منه التنفير عن الكي إذا قام غيره مقامه. وقال ابن بطال: فمعناه - والله أعلم - الذين لا يفعلون شيئًا من ذلك معتقدين أن البرء إن حدث عقيب ذلك كان من عند الله، وأنه كان بسبب الكي والرقية، وأن الذي يتطير منه لو لم ينصرف من أجله ومضى فى مضيه إن أصابه مكروه من قِبَل مضيه لا من قِبَل الله. فأما من انصرف ومضى وهو فى كل حاليه معتقد أنه لا ضار ولا نافع غير الله تعالى، وأن الأمور كلها بيده، فإنه غير معنى بقوله: (لا يكتوون ولا يتطيرون). ابن بطال: شرح صحيح البخاري 9/ 405.
[17] البخاري: كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، (5378)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، (220).
[18] النمرة: كساء فيه مواضعُ سود وحُمْرٌ وبيض يشبه لون جلد النَمِر.
[19] البخاري: كتاب الرقاق، باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب، (6176)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، (369).
[20] انظر: السيوطي: الخصائص الكبرى 2/ 394.
[21] انظر: د. راغب السرجاني: من هو محمد، دار التقوى للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1442= 2021م، ص139- 144.
التعليقات
إرسال تعليقك